تحفيز الاقتصاد وخلق المال: نصيحة بول فولكر الحكيمة

 

تحليل مقولة بول فولكر حول النمو الاقتصادي وخلق المال

 

مقدمة

قال بول فولكر: “يتعيّن علينا أن نقاوم إغراءات تحفيز الاقتصاد من خلال خلق المال، مع الاعتراف بأن النمو السريع لكمية المال والائتمان من شأنه في نهاية المطاف أن يُضعف الأداء، لا أن يُحسّنه.”

 

أهمية المقولة

تحمل هذه المقولة توجيهات هامة فيما يخص السياسات الاقتصادية والمالية للحكومات والمؤسسات المالية حول العالم. بول فولكر، بكونه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في حقبة السبعينيات والثمانينيات، كان شاهداً على التحديات الاقتصادية الكبيرة والتحولات النقدية المهمة. من هذا المنطلق، يمثّل تصريحه نصيحة هامة بشأن كيفية التعامل مع الأزمات الاقتصادية.

 

خطورة خلق المال

ابتداءً، يمكن القول إن خلق المال يشير إلى عملية إصدار الأموال الجديدة عن طريق البنك المركزي، والتي غالباً ما تتم عبر وسائل مثل التيسير الكمي أو تخفيض أسعار الفائدة. الهدف من هذه السياسات هو تحفيز الاقتصاد ودفع عجلة النمو من خلال تحفيز الإنفاق والإقراض.

ومع ذلك، يعبر فولكر عن قلقه من أن النمو السريع في كمية المال والائتمان يمكن أن يأتي بنتائج عكسية. فعندما يقوم البنك المركزي بضخ كميات كبيرة من الأموال إلى السوق، قد ينتج عن ذلك تضخم مُفرِط، حيث يرتفع مستوى الأسعار بشكل سريع قد لا يتناسب مع نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي. التضخم الزائد يمكن أن يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للنقود، مما يضعف الثقة في العملة الوطنية.

 

تبعات سياسات خلق المال

الأهم من ذلك، إن الاعتماد الكبير على خلق المال لتحفيز الاقتصاد يمكن أن يؤدي إلى تشوّهات هيكلية في الأسواق المالية. على سبيل المثال، قد يشجع هذا النمو السريع للإقراض المؤسسات المالية على اتخاذ مخاطر أكبر، مما قد يُسهم في تكوين فقاعة اقتصادية من الأصول المسعّرة بأعلى من قيمتها الحقيقية. في حال انهيار هذه الفقاعات، يمكن أن يؤدي ذلك إلى أزمات مالية كارثية كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008.

علاوة على ذلك، قد يؤدي استمرار سياسة التيسير الكمي على المدى البعيد إلى ضعف الثقة في السياسات الاقتصادية والنقدية للحكومات، حيث يُنظر إلى الاقتصاد كقائم على “حقن” مستمرة للنقد بدلاً من قيامه على أسس متينة من النمو الحقيقي والتنوع الاقتصادي.

 

ختامًا

ختامًا، يدعو فولكر من خلال هذه المقولة إلى توازن حكيم في السياسات النقدية. بدلاً من التسرع في عمليات خلق المال كحل سريع، يجب التركيز على إصلاحات هيكلية تُعزز من كفاءة الاقتصاد وتنوع مصادر النمو بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الائتمان. بهذه الطريقة، يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستدام وقوي، مما يعزز من الاستقرار المالي والثقة في الاقتصاد ككل.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply