دور البنوك المركزية في تحقيق استقرار الأسعار

فولكر يناقش دور البنوك المركزية وتأثيرها على التضخم والأسعار

في هذا الاقتباس، يتناول بول فولكر، رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق، دور البنوك المركزية وتأثيرها على التضخم واستقرار الأسعار. يُعتبر فولكر شخصية بارزة في مجال الاقتصاد والنقد، وتصريحاته تتمتع بوزن كبير في الأوساط الاقتصادية.

يشير فولكر إلى حقيقة مفادها أن البنوك المركزية الحديثة، على الرغم من تطورها وتطوير أدواتها النقدية، قد تزامن بروزها مع ارتفاع معدلات التضخم بدلاً من انخفاضها. يرى فولكر أن الهدف الأساسي لأي سياسة نقدية هو تحقيق استقرار الأسعار، وهو الأمر الذي كان يُنجز بنجاح أكبر في القرن التاسع عشر عندما كانت البنوك المركزية تعمل بأسلوب أكثر تحفظاً.

في القرن التاسع عشر، كانت معظم الاقتصادات تعتمد على “معيار الذهب”، وهو نظام يجعل قيمة العملة مرتبطة بكمية معينة من الذهب. في هذا النظام، كانت البنوك المركزية لا تتدخل كثيراً في أسواق النقد، وعملت بشكل أساسي كجهات تنظيمية بدون تدخلات كبيرة في النقد اليومي. هذا النوع من الأنظمة كان يحد من التضخم بشكل فعال لأن عرض النقود كان مقيداً بكمية الذهب المتاحة.

كما يشير فولكر إلى أن “مجالس العملة” و”الأعمال المصرفية الحرة” كانت خيارات أخرى ناجحة في تحقيق استقرار الأسعار. مجالس العملة هي نظام تحكم فيه إصدار النقود بتغطيتها بالكامل بأصول ثابتة كالذهب أو النقد الأجنبي، مما يحقق مستوى عالياً من الأمان والاستقرار النقدي. أما “الأعمال المصرفية الحرة”، فهي نظام يسمح للبنوك الخاصة بإصدار عملاتها الخاصة بشرط أن تكون مغطاة بأصول ملموسة، وهي نظام يعكس في جزء كبير منه المنافسة والتنوع في النظام المصرفي.

في حديثه عن القدرة الفريدة للبنوك المركزية على “خلق المال”، يشدد فولكر على التوازن الدقيق بين الخلق والتدمير. هذه القوة الفريدة تجعل من البنوك المركزية جهات فاعلة مهمة في الاقتصادات الحديثة، لكنها تأتي بتحذير كبير: القدرة على خلق المال إذا أُسيء استخدامها يمكن أن تؤدي إلى تدمير النظام الاقتصادي عبر التضخم المفرط.

باختصار، يرى فولكر أن النظام النقدي يجب أن يسعى لتحقيق استقرار الأسعار ويجب أن يكون حذراً في استخدام أدوات السياسة النقدية القوية التي تمتلكها البنوك المركزية. تقدير هذه القوى والتعامل معها بحذر يمكن أن يجنب الاقتصادات النمو المفرط في التضخم ويحافظ على الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.