دور الاحتياطي الفيدرالي في استقرار الأسعار في الولايات المتحدة

 

بول فولكر: رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الثمانينات

 

تأثير السياسة النقدية على الاقتصاد

بول فولكر، الذي شغل منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في فترة الثمانينات، كان معروفاً بتصريحاته العميقة حول السياسة النقدية وأثرها على الاقتصاد. واحدة من أشهر مقولاته كانت أن “السياسة النقدية والاحتياطي الفيدرالي لهما دور لا غنى عنه في استعادة استقرار الأسعار من خلال إبطاء نمو كمية المال والائتمان.” لفهم هذه المقولة بشكل أعمق، يجب النظر في السياق الاقتصادي والتحديات التي كان يواجهها الاقتصاد الأمريكي في تلك الفترة.

 

تحديات الاقتصاد الأمريكي في السبعينيات

في السبعينيات، شهدت الولايات المتحدة ارتفاعاً حاداً في معدلات التضخم، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين وأضعاف الاقتصاد. كان هذا بسبب زيادة سريعة في كمية المال وتوسع كبير في الائتمان، مما جعل من الضروري اتخاذ تدابير صارمة للسيطرة على التضخم واستعادة استقرار الأسعار. هنا تدخل بول فولكر بحزمة من السياسات النقدية الصارمة التي تهدف إلى تقليل نمو كمية المال والائتمان.

 

دور السياسة النقدية والاحتياطي الفيدرالي

المقصود بكلمة “السياسة النقدية” هو الإجراءات التي تتخذها البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي، للتحكم في كمية المال الموجود في الاقتصاد وأسعار الفائدة. هذه الإجراءات تشمل شراء وبيع السندات الحكومية، تحديد أسعار الفائدة، وزيادة أو تقليص الاحتياطيات النقدية التي يجب على البنوك التجارية الاحتفاظ بها.

 

التحكم في كمية المال والائتمان

عندما يقول فولكر إن الاحتياطي الفيدرالي له دور لا غنى عنه في “إبطاء نمو كمية المال والائتمان”، فهو يشير إلى أن زيادة السيطرة على النمو المالي يمكن أن تساعد في كبح جماح التضخم. إذا كانت كمية المال تنمو بسرعة أكبر من نمو السلع والخدمات، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة طلب المستهلكين دون وجود عرض كافٍ، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. ومن ثم، قام الاحتياطي الفيدرالي تحت قيادة فولكر بزيادة أسعار الفائدة لمكافحة هذا الاتجاه.

زيادة أسعار الفائدة تجعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يحد من نمو الائتمان ويقلل من كمية المال المتاحة في الاقتصاد. وبذلك، يمكن لخفض الطلب الكلي أن يؤدي إلى استقرار الأسعار على المدى الطويل.

 

تحديات ونتائج السياسات النقدية

من الجدير بالذكر أن هذه السياسات لم تكن خالية من التحديات. زيادة أسعار الفائدة أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات البطالة في المدى القصير. لكن على المدى البعيد، ساعدت هذه السياسات في القضاء على التضخم المرتفع واستعادت الاقتصاد الأمريكي عافيته.

 

ختاماً

في الختام، كانت مقولة فولكر تعبيراً دقيقاً عن الحاجة الملحة للتحكم في كمية المال والائتمان للحفاظ على استقرار الأسعار. من خلال السياسات النقدية الصارمة، استطاع الاحتياطي الفيدرالي إعادة ضبط الاقتصاد وتقليل التضخم، مما شكل درساً قيماً لصناع القرار في السياسات الاقتصادية حول العالم.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply