عنوان المقال: “خلط المجهول بغير الموجود: مفهوم عميق في التفكير البشري”

 

نقل عن نسيم نيكولاس طالب

 

عن المجهول وغير الموجود

 نقل عن نسيم نيكولاس طالب قوله: “إنه يميل إلى الخلط بين المجهول وغير الموجود.” إن هذه العبارة تتناول مفهومًا فلسفيًا وعلميًا عميقًا يتناول طبيعة المعرفة والتصور البشري للمجهول.

 عندما نتأمل في هذه العبارة، نرى أن طالب يشير إلى مشكلة شائعة في التفكير البشري، فأحيانًا تكون هناك نزعة لدى البعض للاعتقاد بأن الأشياء التي لا يعرفونها أو لا يفهمونها ببساطة غير موجودة. هذه النزعة قد تكون نتيجة لقصور في المعرفة أو لتضييق الأفق الفكري.

 

فهم الفرق بين المجهول وغير الموجود

 دعونا نبدأ بفهم الفرق بين “المجهول” و”غير الموجود”. المجهول هو كل ما لا نعرفه بعد، هو كل ما لم نكتشفه أو نستوعبه بالكامل. أما غير الموجود فهو ما ليس له وجود فعلي في الواقع، هو شيء لا يكون إلا في عالم الخيال أو الفرضيات غير المبرهنة.

 يمكننا أن نرى أثر هذا الخلط في العديد من مجالات الحياة. على سبيل المثال، في العلوم، كان هناك أشياء ومعارف مجهولة بالنسبة للبشر عبر العصور، ولكن مع التقدم العلمي والتكنولوجي، تم اكتشاف الكثير منها وتبين أنها موجودة وقابلة للتحقق. كان العلماء في العصور الوسطى يجهلون وجود البكتيريا والفيروسات، ولكن هذا لم يكن يعني أن هذه الكائنات غير موجودة، بل كانت مجرد مجهولة.

 هناك أيضًا أمثلة عديدة في التاريخ عندما أُعتبرت بعض الأفكار والمفاهيم غير موجودة لمجرد أنها كانت تتجاوز الفهم والمعرفة المتاحة في ذلك الوقت. عندما اقترح أرسطو فكرة أن الأرض مركز الكون، اعتقد الكثيرون أن هذا هو الحقيقة المطلقة، وكانت الأفكار التي تُعارض ذلك تُعتبر غير موجودة أو غير حقيقية، حتى جاء كوبرنيكوس وبرهن أن الأرض تدور حول الشمس، مما أظهر أن ما كان يُعتبر غير موجود كان فقط مجهولاً.

 هنا تكمن أهمية هذا القول في التذكير بأن حدود معرفتنا ليست حدودًا للواقع. إن الاعتراف بوجود المجهول واحتماليته هو جزء أساسي من تطور العلم والفكر. يجب على العلماء والمفكرين والمجتمع بصفة عامة أن يتحلوا بالتواضع أمام ما لا يعرفون، وأن يظلوا منفتحين على احتمال وجود حقائق جديدة قد تكتشف في المستقبل.

 من هنا، يمكننا أن نفهم أن الخلط بين المجهول وغير الموجود يعبر عن قصور في إدراك مدى اتساع وتعقيد العالم من حولنا. إن قبول وجود المجهول هو جزء من قبول الطبيعة الديناميكية للمعرفة والتعلم. في النهاية، الاعتراف بحدود معرفتنا والتحلي بالفضول والاستعداد لاكتشاف المجهول هو ما يدفعنا للتقدم وتحقيق المزيد من الاكتشافات.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply