في عالمنا اليوم، تواجه المجتمعات تحولات كبيرة نتيجة للتحديات البيئية والمناخية القائمة.
واحدة من الاستراتيجيات الأكثر أهمية لمواجهة هذه التحديات هي الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. هذا الانتقال يتطلب تغييرات جذـرية في كيفية إنتاج الطاقة واستهلاكها، بالإضافة إلى تأثيرات بعيدة المدى على القطاعات الاقتصادية المختلفة.
كلمات كريستالينا جورجييفا عن “الانتقال العادل” إلى اقتصاد منخفض الكربون:
الانتقال العادل يعني تحقيق توازن بين تحديث الاقتصاد لتحقيق أهداف البيئة والمناخ، وضمان أن ما من أحد يُترك خلف الركب. إنه لا يكفي مجرد التحول إلى مصادر طاقة نظيفة وتخفيض انبعاثات الكربون، بل يجب أيضا أن نضمن أن الأفراد والمجتمعات التي تعتمد على الصناعات التقليدية لا يتضررون جراء هذا الانتقال.
واحدة من الأدوات القوية التي يمكن استخدامها لتحقيق هذا الهدف هي تسعير الكربون. تسعير الكربون يشمل فرض ضريبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو إنشاء نظام لتداول انبعاثات الكربون. الهدف من هذه السياسة هو تقليل الانبعاثات من خلال جعل التلوث أكثر تكلفة، وبالتالي تشجيع الشركات والأفراد على تبني تقنيات وأنماط حياة أقل انبعاثا للكربون.
لكن، ماذا نفعل بالإيرادات المتأتية من تسعير الكربون؟ هنا يكمن جانب من الانتقال العادل. تقترح جورجييفا استخدام هذه الإيرادات لتعويض الأفراد والشركات في القطاعات المتضررة. هذا يمكن أن يكون عبر التحويلات النقدية المباشرة للأفراد الذين يفقدون وظائفهم، أو من خلال توفير شبكات أمان اجتماعي متينة تضمن أن مصالحهم محمية.
إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام هذه الأموال لتمويل برامج إعادة التدريب للعاملين الذين يحتاجون إلى تطوير مهارات جديدة لتمكينهم من الانتقال إلى وظائف خضراء في الاقتصاد الجديد. الشركات أيضاً يمكن أن تستفيد من هذه الإيرادات لتمويل الابتكار والتكيف مع المتطلبات البيئية الجديدة، مما يسمح لها بالبقاء تنافسية.
الأمثلة على هذا النهج ليست قليلة. في دول شمال أوروبا، مثل السويد والدنمارك، تم تطبيق سياسات تسعير الكربون لسنوات، واستخدمت الإيرادات لتعزيز برامج اجتماعية وأهداف تحقيق انتقال عادل. هذا خلّف نتائج إيجابية لم تكن فقط بيئية، بل اجتماعية واقتصادية أيضا.
في النهاية، يمكننا القول أن مفهوم الانتقال العادل هو إطار شامل يضمن أن التحول البيئي لا يتعارض مع العدالة الاجتماعية. بإمكان السياسات الذكية، مثل تسعير الكربون وإعادة استثمار الإيرادات في برامج تعويضية، أن تحقق أهداف البيئة والمجتمع على حد سواء. وكما أشارت كريستالينا جورجييفا، يجب علينا أن نعمل على هذا الانتقال العادل على مستوى الداخل في دولنا وكذلك بين الدول، لضمان مستقبل مستدام ومتوازن للجميع.
Sign in to cast the vote