العلم والديمقراطية: انتقال من عالم الضرورة إلى عالم الحرية

 

مقدمة

كارل ماركس، الفيلسوف والمفكر الثوري الذي يُعتبر أحد أهم الشخصيات في تاريخ الفكر الاقتصادي والسياسي، قام بتقديم العديد من الأفكار والنظريات التي شكلت قواعد الفهم لكثير من الظواهر الاجتماعية والسياسية. من بين تلك الأفكار، تأتي المقولة الشهيرة التي قال فيها: “العلم والديمقراطية هما اليدان اليمنى واليسرى لما سأشير إليه بأنه الانتقال من عالم الضرورة إلى عالم الحرية.”

 

العالم الضرورة والحرية في فكر ماركس

لكي نفهم هذه المقولة، يتعين علينا أن نحلل بعض المفاهيم الأساسية التي استخدمها ماركس. أولاً، ماذا كان ماركس يقصد بعالم الضرورة؟ في فكر ماركس، عالم الضرورة هو الوضع الذي يكون فيه البشر مقيدين بحاجاتهم الأساسية وظروفهم المادية. هذا العالم هو العالم الذي يعيش فيه العامل تحت ضغط الحياة اليومية، حيث أن حياته وأعماله موجهة نحو تلبية الحاجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والملبس.

بالمقابل، عالم الحرية هو الوضع الذي يسعى إليه ماركس، حيث يتمكن الأفراد من تحقيق إمكانياتهم الكاملة والتفاعل بحرية مع العالم من حولهم. هذا العالم هو الذي يتجاوز فيه البشر الحاجات الأساسية ويتجهون نحو تطوير ذاتهم والمجتمع بصورة شاملة.

الدور المحوري للعلم والديمقراطية

لكن كيف يمكن الانتقال من عالم الضرورة إلى عالم الحرية؟ هنا يأتي دور “العلم والديمقراطية”. العلم، بالنسبة لماركس، هو الأداة التي تمكّن البشر من فهم العالم والطبيعة والظواهر الاجتماعية بطريقة عقلانية ومنهجية.

من خلال العلم، يمكن للبشر تطوير التكنولوجيا والنظم الاقتصادية التي تعمل على تخفيف عبء العمل اليدوي وتحسين ظروف الحياة.

من ناحية أخرى، الديمقراطية هي النظام السياسي الذي يمنح الأفراد القدرة على المشاركة الفعّالة في صنع القرارات التي تؤثر في حياتهم. من خلال الديمقراطية، يتمكن الأفراد من تطوير نماذج اجتماعية وسياسية تتيح لهم حقوقهم وتحمي مصالحهم.

تأثير العلم والديمقراطية على الانتقال إلى الحرية

عندما يتكامل العلم والديمقراطية، يحدث تغيير شمل في بنية المجتمع. العلم يوفر الوسائل لتحسين الظروف المادية وتقليل العبء الجسدي والذهني، بينما تضمن الديمقراطية أن هذا التحسين يكون في متناول الجميع وبطريقة عادلة ومنصفة.

وبذلك، يستطيع البشر الانتقال من حالة الضرورة المادية إلى حالة الحرية الفكرية والاجتماعية.

بشكل أعمق، يمكن القول أن ماركس يرى في العلم والديمقراطية الأدوات التي تمكن البشر من التخلص من قيود الهياكل الاجتماعية والاقتصادية القديمة، وبناء مجتمعات جديدة حيث يكون للحرية الشخصية والاجتماعية فيها الدور الأكبر.

العلم يحرر الإنسان من الجهل والديمقراطية تحرره من الاستبداد.

في الختام، يمكن القول أن مقولة ماركس تُحاكي رحلة الإنسان نحو الذاتية والحرية الحقيقية، حيث يلعب كل من العلم والديمقراطية دورين مكملين لتحقيق هذا الهدف النبيل. الإنسان بفضل العلم يصبح قادرًا على فهم وتغيير واقعه، وبفضل الديمقراطية يصبح قادرًا على أن يعيش وفقًا لقواعد هذا الواقع المحسّن بطريقة تضمن له الكرامة والحرية.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply