التحديات في صياغة السياسات: بين العمل “داخل” و”خارج”

 

في هذا الاقتباس، يلخص جوزيف ستيغليتز، الاقتصادي والحائز على جائزة نوبل، التحدي الكبير الذي يواجه الأفراد الذين يسعون للمساهمة في صياغة السياسات العامة. ينطوي هذا التحدي على تحديد المكان والوظيفة التي تجعل المرء أكثر فعالية في إحداث تأثير إيجابي.

 

عندما أشار ستيغليتز إلى “الداخل”، كان يقصد الأفراد الذين يعملون ضمن الأطر الرسمية مثل الحكومات، الهيئات التنفيذية، أو المنظمات الدولية.

يعاني العاملون داخل هذه الهياكل من قيود معقدة، تتراوح بين البيروقراطية والإجراءات الروتينية، وصولاً إلى الضغوط السياسية والمصالح الخاصة التي تحد من حريتهم وقدرتهم على اتخاذ قرارات جريئة ومستقلة.

 

من جهة أخرى، العمل من “الخارج” ربما يمنح هؤلاء الأفراد حرية أكبر في التعبير عن آرائهم وتقديم أفكار جديدة.

يمكن للخبراء والأكاديميين والصحفيين ومجموعات الضغط (اللوبيات) أن يلعبوا دوراً محورياً في نشر الوعي وإثارة النقاشات حول القضايا المهمة، مما يضغط على صناع القرار لاتخاذ إجراءات تتماشى مع المصلحة العامة.

 

ومع ذلك، يجب النظر إلى هذه المسألة بنظرة متكاملة.

فالعمل داخل المؤسسات يوفر للمرء فرصة حقيقية لتطبيق الأفكار والسياسات مباشرة، بينما يحتاج العاملون من الخارج إلى مصادقة ودعم أولئك المتواجدين في الداخل لتنفيذ مقترحاتهم ورؤاهم.

بمعنى آخر، يمكن اعتبار الجهتين متكاملتين بدلاً من متنافستين.

 

على سبيل المثال، قد يكون للأكاديميين ورجال الفكر الدور في ابتكار وتقديم سياسات جديدة مبنية على دراسات وأبحاث دقيقة، بينما يُعد الموظفون الحكوميون أو التنفيذيون الحلقة التي تستطيع تنفيذ تلك السياسات على أرض الواقع بحكم موقعهم وصلاحياتهم.

 

في النهاية، يمكن القول إن الفعالية في صياغة السياسات تعتمد على مواءمة الجهود بين الداخل والخارج.

يجب على الأفراد التفكير جيداً في المكان الذي يمكن أن يقدموا فيه أكبر إسهام، سواء كان ذلك من داخل النظم والمؤسسات أو من خلال الأدوار الاستشارية والنقدية من الخارج.

تكامل الأدوار بين الجهتين قد يكون المفتاح نحو سياسات أكثر فاعلية واستدامة.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply