أهمية الماركسية كنظام فلسفي واجتماعي

يمثل اقتباس جوزيف شومبيتر حول الماركسية بوضوح الفلسفة العميقة

يقول شومبيتر: “بالنسبة للمؤمن بها، تُقدّم الماركسية أولاً نظامًا من الأهداف السامية التي تعطي للحياة معنى وهي معايير مطلقة يُمكن من خلالها الحكم على الأحداث والأفعال.” لنفهم هذا الاقتباس، يتعين علينا أن نغوص في الأسس الفلسفية والفكرية التي تتبناها الماركسية.

فهم النظرية الاقتصادية والاجتماعية للماركسية

الماركسية، كما طرحها كارل ماركس وفريدريك إنجلز، ليست مجرد نظرية اقتصادية تُحلّل الرأسمالية وتدعو إلى الاشتراكية. بل هي مجموعة شاملة من الأفكار التي تسعى إلى تفسير التاريخ، المجتمع، والسياسة من منظور تاريخي مادي. بالنسبة للمؤمن بالماركسية، هذه النظرية توفر إطارًا فلسفيًا يوضح كيف تتطور المجتمعات من خلال الصراعات الطبقية، وكيف أن قوة العمل وعلاقات الإنتاج هي المحركات الأساسية للتاريخ والتغيير الاجتماعي.

أهداف وقيم الماركسية

عندما يتحدث شومبيتر عن “نظام من الأهداف السامية”، فهو يشير إلى الأهداف النهائية التي تسعى إليها الماركسية: تحقيق مجتمع خالٍ من الطبقات، حيث يتم توزيع الثروات بشكل عادل ويزول الاستغلال. هذه الأهداف تُضفي معنى حقيقيًا على الحياة بالنسبة لمعتنقيها لأنها تمثل نوعًا من المدينة الفاضلة التي ينشدون الوصول إليها من خلال نضالهم الاجتماعي والسياسي.

الأهداف الماركسية ليست مجرد طموحات نظرية، بل هي معايير أخلاقية تُوجّه سلوك الأفراد والمجتمعات. بعبارة أخرى، الجهود المبذولة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة الاقتصادية، وتحقيق الاستغلال الأخير للإنسان، كلها تُقيم من خلال هذه المعايير. الماركسية توفر مجموعة من القيم التي يُحكم بواسطتها على الأحداث والأفعال، مما يمكّن المؤمنين بها من تقييم السياسات والتطورات الاجتماعية من منظور نقدي.

إضافة بُعد إنساني للحياة

بالإضافة إلى ذلك، تعطي الماركسية للحياة البشرية بُعدًا أكبر من مجرد السعي وراء المكاسب المادية أو الفردية. التزام المؤمن بالماركسية يعكس التزامًا بتحقيق التغيير الإيجابي والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للجميع. هذا الالتزام يمكن أن يعتبره المؤمن بمثابة واجب أخلاقي يستند إلى فهم عميق للمادية التاريخية ودورها في تشكيل العالم.

ختامًا، يمكن القول أن اقتباس شومبيتر يعكس أهمية الماركسية كنظام فلسفي ونظري يُقدم ليس فقط تفسيرًا للأحداث، ولكن أيضًا نظامًا من القيم والأهداف التي تعطي للحياة معنى وتوفر معايير للحكم الأخلاقي والاجتماعي. هذه المنظومة الشاملة هي ما تجعل الماركسية تظل فكرة مؤثرة وجاذبة للكثيرين حول العالم.