التحليل الاقتصادي وفهم الاتجاهات: دروس من شومبيتر

 

العالم والاقتصادي النمساوي جوزيف شومبيتر

تابع العديد من المفاهيم الاقتصادية وكان له تأثير كبير في فهمنا للعوامل التي تؤثر على الاقتصاديات. من بين الأفكار التي قدمها، نجد اقتباسًا يبرز فيه تحليله الدقيق لكيفية عمل النماذج الاقتصادية وكيفية تأثير العوامل المختلفة على هذه النماذج. ينص الاقتباس على: “التحليل، سواء كان اقتصاديًا أو غير ذلك، لا يمنحنا سوى بيان حول الاتجاهات الموجودة في نمط قابل للملاحظة. وهذه الاتجاهات لا تخبرنا بما سيحدث للنمط، ولكن تخبرنا فقط بما سيحدث إذا استمروا في التصرف كما كانوا يتصرفون في الفترة الزمنية التي تُغطّيها ملاحظتنا وإذا لم تتدخل أي عوامل أخرى. ‘الحتمية’ أو ‘الضرورة’ لا يمكن أن تعني أكثر من ذلك.”

 

فهم السياق الأوسع

لفهم هذا الاقتباس بشكل أفضل، علينا أن نفهم السياق الأوسع لتحليل شومبيتر الاقتصادي. ما يوضحه شومبيتر هنا هو أنه عندما نقوم بتحليل ظاهرة اقتصادية، فإننا ندرس الأنماط والاتجاهات التي تبرز في البيانات المتاحة. ومع ذلك، هذا لا يكفي لتقديم تنبؤات مؤكدة حول ما سيحدث في المستقبل. بدلاً من ذلك، يمكن للتحليل أن يوضح لنا فقط ما يمكن أن يحدث إذا استمرت نفس العوامل في العمل كما كانت دون تغير.

لنأخذ مثالًا بسيطًا لتوضيح هذا المفهوم. تخيل أننا نلاحظ زيادة في الطلب على سيارات الكهربائية. من خلال التحليل، يمكننا تحديد العوامل التي تحفز هذا الطلب، مثل ارتفاع أسعار الوقود وزيادة الوعي البيئي. يمكننا استنتاج أن طالما تستمر هذه العوامل في العمل كما هي، فإن الطلب على السيارات الكهربائية سيستمر في الزيادة. لكن إذا تغيرت إحدى هذه العوامل – على سبيل المثال، إذا انخفضت أسعار الوقود بشكل كبير – فإن هذا سيؤدي إلى تغيير في النمط الذي لاحظناه.

هذا المفهوم يمتد أيضًا إلى فهم شومبيتر لفكرة “الحتمية” أو “الضرورة”. في العلم والاقتصاد، لا يمكننا الحديث عن حتمية مطلقة لأن هناك دائمًا عوامل متغيرة قد تتدخل وتغير من مسار الأمور. ما يعنينا هو الاتجاهات القائمة في الوقت الحالي. لذا “الحتمية” كما يشير إليها شومبيتر هي ليست أكثر من توقع استمرار الاتجاهات الراهنة ما لم تظهر عوامل جديدة تؤدي إلى تغيير المسار.

في النهاية، يقدم شومبيتر تحذيرًا مهمًا للمحللين وصانعي السياسات بعدم الاعتماد بشكل مفرط على الأنماط الحالية كضمان لما سيحدث في المستقبل. بدلاً من ذلك، يجب أن يبقوا دائمًا مرنين ومستعدين للتكيف مع التغيرات غير المتوقعة تلك التي يمكن أن تؤثر على الاتجاهات والنماذج الاقتصادية.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply