يمكن للبطالة طويلة الأجل أن تجعل أي عامل أقل قابلية للتوظيف بشكل تدريجي، حتى بعد تعزيز الاقتصاد.

قالت جانيت يلين، الرئيسة السابقة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي: “يمكن للبطالة طويلة الأمد أن تجعل أي عامل أقل قابلية للتوظيف بشكل تدريجي، حتى بعد تعزيز الاقتصاد”. يسلط هذا الاقتباس الضوء على العواقب الدائمة للبطالة الممتدة. تشكل البطالة طويلة الأمد، التي تُعرَّف بأنها فترة بطالة تستمر ستة أشهر أو أكثر، تحديات كبيرة للعمال وآفاق عملهم في المستقبل. في هذا المقال، سوف نستكشف تداعيات البطالة طويلة الأمد ونناقش المبادرات المتخذة لمعالجة هذه القضية. من خلال فهم التحديات التي يواجهها العاطلون عن العمل على المدى الطويل والقيام بجهود تشاركية، يمكننا سد فجوة التوظيف وإعطاء الفرصة للأفراد لاستعادة عملهم والمساهمة في مجتمعاتهم.
 

تعريف البطالة طويلة الأمد وأسبابها

غالبًا ما تكون البطالة طويلة الأمد ناتجة عن عوامل مختلفة. يمكن أن تؤدي فترات الانكماش الاقتصادي أو الركود إلى فائض من الباحثين عن عمل، مما يجعل من الصعب على الأفراد العثور على عمل في إطار زمني معقول. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيّرات الهيكلية في سوق العمل، مثل التطورات التكنولوجية والتحولات في الصناعات، يمكن أن تجعل بعض المهارات متقادمة، مما يترك العمال عاطلين عن العمل لفترة طويلة. يمكن أن يساهم الافتقار إلى المهارات أو التعليم الضروري أيضًا في البطالة طويلة الأمد، حيث قد يكافح الأفراد لتلبية المتطلبات المتغيرة لسوق الشغل. قد يؤدي التمييز أو التحيز في عمليات التوظيف إلى تفاقم المشكلة، حيث قد يحجم بعض المشغّلين عن توظيف الأفراد الذين لديهم فجوات طويلة في تاريخهم المهني.
 

الآثار السلبية الناجمة عن البطالة طويلة الأمد

لا تؤثر البطالة طويلة الأمد على فرص العمل الفورية فحسب، بل يمكن أن يكون لها أيضًا في المدى البعيد تأثير على قابلية التوظيف. بمرور الوقت، قد يعاني الأفراد الذين يظلون عاطلين عن العمل من تدهور مهاراتهم ومعارفهم، مما يجعلهم أقل قدرة على المنافسة في سوق الشغل. يمكن أن يؤدي عدم وجود خبرة عمل حديثة إلى إثارة بعض المخاوف عند المشغلين، مما يؤدي إلى تصورات سلبية لقدراتهم. نتيجة لذلك، فإن إمكانية توظيف العمال العاطلين عن العمل لفترات طويلة تتضاءل تدريجياً.

علاوة على ذلك، لا يمكننا التغاضي عن الآثار النفسية والعاطفية السلبية للبطالة طويلة الأمد. غالبًا ما يعاني الأفراد الذين يواجهون بطالة طويلة الأمد من فقدان الثقة بالنفس واحترام الذات، فضلاً عن زيادة التوتر ومشاكل الصحة النفسية. يمكن أن يكون لهذه العوامل تأثير متتالي على العلاقات الشخصية والصحة العامة للفرد العاطل عن العمل.
 

التحديات التي يواجهها العمال العاطلون عن العمل لفترات طويلة

تمتد التحديات التي يواجهها العمال العاطلون لفترات طويلة إلى ما هو أبعد من البحث عن وظيفة بحد ذاتها. تُعدُّ المصاعب المالية والفقر من النتائج الشائعة، حيث قد يكافح الأفراد لتلبية الاحتياجات الأساسية دون دعم برامج المساعدة المالية الحكومية. يمكن أن يؤدي عدم وجود مثل هذه البرامج في بعض البلدان إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها الأفراد العاطلون عن العمل على المدى الطويل، حيث أنهم يستنفدون مدخراتهم وأصولهم بينما يصارعون للبقاء على قيد الحياة. إضافة إلى ذلك فإن البطالة طويلة الأمد، قد تشعر الأفراد بالعزلة في وسطهم المهني والمجتمع.
 

معالجة البطالة طويلة الأمد: جهود الحكومات والشركات والأفراد

المبادرات الحكومية

تلعب الحكومات دورًا حاسمًا من خلال توفير إعانات البطالة وخدمات الدعم. يزود الاستثمار في برامج التدريب الوظيفي العمال بالمهارات اللازمة لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة، وتمكين العاطلين عن العمل على المدى الطويل من إعادة الاندماج في سوق الشغل.

مسؤولية الشركات

تتحمّل الشركات مسؤولية اجتماعية لمعالجة البطالة طويلة الأمد. يجب على الشركات إعطاء الأولوية لتقييم المرشحين بناءً على مهاراتهم، إمكاناتهم ومؤهلاتهم، بدلاً من التركيز فقط على فترات البطالة السابقة. من خلال اعتماد مقاربة شمولية في التوظيف تعتمد على القدرات والإمكانيات التي يتوفر عليها العامل، يمكن للشركات المساهمة في تقليل فجوة التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يوّفر تقديم برامج التدريب الداخلي والتكوين المستمر وتطوير مستوى القوى العاملة فرصًا للأفراد العاطلين عن العمل على المدى الطويل لاكتساب خبرة عمل قيِّمة وإعادة الاندماج في سوق الشغل.

تمكين العاطلين

يمكن للأفراد العاطلين عن العمل على المدى الطويل تعزيز قابليتهم للتوظيف من خلال البحث عن برامج التدريب الوظيفي، التواصل مع الأفراد من نفس الوسط المهني، تطوير المهارات القابلة للتأقلم مع مختلف المهام، اكتساب خبرات عن طريق العمل التطوعي، وتطوير مشاريع شخصية لإظهار القدرة على التكيف والتأقلم مع مختلف مجالات العمل.
تعمل الجهود المشتركة بين الحكومات والشركات والأفراد على تقليل فجوة التوظيف، مما يخلق بيئة عمل توفر للشغيلة الفرصة لاستعادة الوظائف والمساهمة في بناء المجتمعات.
 

خاتمة

للبطالة طويلة الأمد عواقب دائمة على الأفراد وآفاق عملهم. يمكن أن يؤدي هذا النوع من البطالة إلى تدهور المهارات، تقلّص قابلية التوظيف، الصعوبات المالية، والاستبعاد الاجتماعي. مع ذلك، يمكن للجهود المشتركة بين الحكومات والشركات والأفراد مواجهة هذه التحديات. يمكن للحكومات تقديم الدعم من خلال المنح وبرامج التدريب الوظيفي، ويمكن للشركات اعتماد مقاربة شمولية في التوظيف، كما يمكن للأفراد أيضا تعزيز قابليتهم للتوظيف من خلال التدريب والتواصل مع الأفراد من نفس الوسط المهني. من خلال العمل المشترك، يمكننا سد فجوة التوظيف وخلق فرص للعاطلين عن العمل على المدى الطويل لاستعادة عملهم والمساهمة في المجتمع.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply