تحولات المجتمع الحديث: استغلال تجاري للقانون والرعاية الصحية والسياسة

 

يُعتبر جورج سوروس من أبرز رجال الأعمال والمستثمرين في العالم

إلا أن اقتباسه هذا يعكس رؤية نقدية عميقة لتطورات المجتمع الحديث. اقتباسه: “القانون أصبح تجارة. الرعاية الصحية أصبحت تجارة. للأسف، السياسة أيضًا أصبحت تجارة. هذا يُضعف المجتمع بشكل كبير” يكشف عن تحول خطير في أسس النظام الاجتماعي والاقتصادي.

 

عندما يتحدث سوروس عن أن القانون أصبح تجارة

فإنه يشير إلى كيفية تحوّل العدالة إلى سلعة تُشترى وتُباع. أصبح الحصول على خدمات قانونية يتطلب تكاليف باهظة تؤثر على قدرة الأفراد من الطبقات الأقل مالًا على الحصول على العدالة. المحامون والشركات القانونية الكبرى يتحكمون في سير العدالة بموازناتهم الضخمة، مما يخلق فجوة بين الأغنياء والفقراء في الوصول إلى الحقوق القانونية.

 

أما الرعاية الصحية

فأيضًا لم تكن بعيدة عن هذا التحوّل. في العديد من الدول، أصبحت الخدمات الصحية تعتمد على الربحية الكبيرة بدلاً من تقديم الرعاية اللازمة للمرضى. المستشفيات الخاصة، شركات التأمين الصحي، وصناعة الأدوية كلها أصبحت تعمل وفق نهج تجاري بحت، مما أدى إلى زيادة التكاليف وتقليل الوصول إلى العلاج الجيد للفئات الأكثر احتياجًا.

 

والسياسة

التي تُعتبر مجالًا لخدمة المجتمع وتنظيم شؤونه، لم تسلم من هذا التحوّل. أصبحت المناصب السياسية تُشرى وتُباع، وتحوّل النشاط السياسي إلى ساحة للمنافسة الاقتصادية أكثر من كونه مجالًا لتحقيق الصالح العام. السياسيون يعتمدون بشكل كبير على التبرعات والدعم المالي من الشركات والأفراد الأغنياء، مما يؤثر على نزاهتهم وقدرتهم على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة المجتمع ككل.

هذه التحوّلات، وفقاً لسوروس، تُضعف المجتمع بشكل كبير لأنها تخلق عدم مساواة وتفرّق بين فئات المجتمع. تصبح الموارد والخدمات الأساسية متاحة فقط لمن يملك المال، فيما يُترك الآخرون يبحثون بصعوبة عن أبسط حقوقهم. في ظل هذه الظروف، يفقد المجتمع تماسكه واستقراره، مما يؤدي إلى توترات اجتماعية متزايدة وعدم ثقة متنامية في المؤسسات.

لذلك، يجب أن نتفكر في اتجاهاتنا الحالية ونسعى لتحقيق توازن يعيد لهذه المجالات قيمتها الأصلية كخدمات عامة تُقدّم للصالح العام، وليس مجرد وسائل لتحقيق الربح. إنها دعوة لإعادة النظر في الأطر القانونية والسياسية والاقتصادية التي تنظم حياتنا اليومية، والعمل على بناء مجتمع أكثر عدلاً وتكافؤًا.

شارك المقال مع أصدقائك

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram

Leave a Reply