قال آدم سميث، الفيلسوف والخبير الاقتصادي الأسكتلندي، ذات مرة: “لا يمكن لأي مجتمع أن يكون مزدهرًا وسعيدًا إذا كانت الأغلبية منه فقراء وبائسين”. يسلط هذا الاقتباس الضوء على العلاقة بين الفقر ورفاهية المجتمع. إن الفقر ليس قضية أخلاقية فحسب، بل إنه يمثل أيضًا تهديدًا للاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي. تستكشف هذه المقالة حالة الفقر الحالية في المجتمعات الحديثة، تأثير الفقر على رفاهية المجتمع، واستراتيجيات الحد منه وتعزيز الرفاهية الاجتماعية.
الفقر في المجتمعات الحديثة
إحصائيات وحقائق حول الفقر
وفقًا للبنك الدولي، فإن %9.3 من سكان العالم (ما يقرب من 700 مليون شخص) يعيشون في فقر مدقع حسب إحصائيات سنة 2020. وكانت هذه زيادة قدرها %1 مقارنة بعام 2019، بسبب الاضطراب الناجم عن أزمة Covid-19. تتباين معدلات الفقر حسب البلدان والمناطق، حيث توجد أعلى معدلات الفقر في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا.
غير أن الفقر لا يقتصر فقط على البلدان النامية. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يعيش أكثر من 34 مليون شخص تحت خط الفقر، والذي حُدِّد سنة 2020 في 695 26 دولار كدخل سنوي للأسر المكونة من أربعة أفراد. ارتفع معدل الفقر في الولايات المتحدة من %10.5 سنة 2019 إلى %11.4 سنة 2020، وهو أول ارتفاع في مستوى الفقر بعد خمس انخفاضات سنوية متتالية.
تأثير الفقر على رفاهية المجتمع
للفقر آثار سلبية كبيرة على الأفراد والمجتمعات. يقلِّل الفقر من أمد الحياة، يزيد من معدلات الجريمة، ويقلِّل من الإنتاجية الاقتصادية. تشمل العواقب الاجتماعية للفقر الإقصاء الاجتماعي، عدم الاستقرار السياسي وصعوبة الوصول للتعليم والرعاية الصحية.
كيف يُولِّد الفقر نفسه
يخلق الفقر حلقة مفرغة تجعل من الصعب على الأفراد والمجتمعات الهروب منها. تساهم الصعوبة التي يواجهها الأفراد في الوصول للتعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية في بقائهم قابعين في الفقر. تعمل عوامل الإقصاء الممنهجة مثل التمييز والتوزيع غير المتكافئ للموارد على استفحال الفقر.
استراتيجيات للحد من الفقر وتعزيز رفاهية المجتمع
المقاربة المؤيِّدة للسوق الحرة
تم اقتراح أو تنفيذ استراتيجيات مختلفة للحد من الفقر وتعزيز الرفاهية المجتمعية داخل نظام السوق الحرة. من الأمثلة على هذه الاستراتيجيات رفع القيود والسماح للسوق بالعمل بحرية أكبر، إقرار تحفيزات ضريبية للشركات ووضع برامج لتعزيز ريادة الأعمال. مع ذلك، فإن هذه الاستراتيجيات لها فوائد وعيوب محتملة، ويتطلب التنفيذ الناجح لها دراسة متأنية للسياق المحلي.
المقاربة المناوئة للسوق الحرة
تم اقتراح أو تنفيذ استراتيجيات مختلفة للحد من الفقر وتعزيز الرفاهية المجتمعية خارج نظام السوق الحرة. يعتبر فرض الضرائب التصاعدية على الأفراد والشركات، وضع برامج للرعاية الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة أمثلة على هذه الاستراتيجيات. هذه الاستراتيجيات لها أيضًا مزايا وعيوب محتملة، ويعتمد نجاحها على التنفيذ الدقيق لها والحكامة الجيِّدة.
خاتمة
يفرض الفقر تحديات كبيرة على المجتمعات الحديثة، ويهدد الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي فيها. إن معالجة الفقر ليست مجرد قضية أخلاقية، ولكنها أمر ضروري لتعزيز الرفاه الاجتماعي وخلق مجتمع أكثر إنصافًا وعدلا. قد تختلف استراتيجيات الحد من الفقر وتعزيز الرفاهية الاجتماعية اعتمادًا على السياق المحلي، وقد تكون هناك حاجة إلى مجموعة من المقاربات المختلقة أثناء العملية. من الأهمية بمكان إشراك جميع الأطراف المعنيّة، بما في ذلك الحكومات، الشركات، منظمات المجتمع المدني والأفراد، في الجهود المبذولة لمعالجة الفقر وتعزيز الرفاهية الاجتماعية.
Sign in to cast the vote