نصير نيكولاس طالب
الكاتب والمفكر اللبناني الأصل، يُعتبر من أبرز العقول التي ساهمت في تطوير الفهم الحديث للأزمات والمخاطر واللامتوقّع. من بين العديد من مقولاته العميقة والمجذّرة في الفلسفة والحكمة، تبرز مقولة “لا تثق أبدًا بكلام رجل ليس حرًا.” هذه العبارة تُقدّم منظورًا فريدًا حول قيمة الحرية في تشكيل المصداقية والمواقف البشرية.
قيمة الحرية
الحرية، بطبيعتها، تُعتبر من أسمى القيم الإنسانية، وهي الحق الأساسي الذي يضمن للإنسان القدرة على التعبير عن أفكاره وآرائه دون خوف أو تردد. عندما يكون شخصٌ ما غير حُر، سواء بسبب القهر الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، فإنه يكون مقيّدًا بنظام أو بفكر ما، وبهذا يصبح كلامه وأفعاله متأثرين بعوامل خارجية تمنعه من التعبير الحقيقي عن ذاته.
تأثير القيود
الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات قمعية أو تحت ظروف ضاغطة قد يُضطَرّون للتعبير عن آراء تتماشى مع توقعات القوى المسيطرة حفاظًا على سلامتهم أو وضعهم الاجتماعي. بالتالي، يصبح من الصعب تمييز ما إذا كانت آراؤهم نابعة من قناعة شخصية صادقة أم من خوف أو مصلحة.
أمثلة واقعية
على سبيل المثال، في الأنظمة الديكتاتورية، قد يُجبر الصحفيون أو الكتاب على الترويج لأيدولوجيات الحكومة خوفًا من القمع أو الاعتقال. وفي البيئات الاجتماعية المتشددة، قد يجد الأفراد أنفسهم مضطرين لموافقة التوجهات العامة لتجنب الرفض أو النقد. في كلتا الحالتين، تصبح حرية التعبير مشوهة.
تأثير البيئة
لنستوعب بشكل أفضل مضمون مقولة طالب، يمكننا تأمل الظروف التي يمر بها المدافعون عن حقوق الإنسان أو النشطاء السياسيون في بلاد تقمع حرية التعبير. هؤلاء الأفراد، رغم أنهم يتحدثون بحرية مقيدة، إلا أن كلماتهم تكون مليئة بالشجاعة والمخاطرة، وبالتالي تأتي في إطار مختلف عن الكلمات المجردة لشخص غارق في النظام الاستبدادي.
خلاصة القول
المصداقية تتطلب بيئة من الحرية. عندما يكون الإنسان حُرًا بالفعل، يكون قادرًا على التعبير عن آرائه بدون قيود، وتكون كلماته أصدق وأكثر تأثيرًا. لذا، من الضروري تقدير الحريات والاعتراف بأهمية خلق بيئات تُعزز من حرية التعبير والعمل على حمايتها لضمان أن تكون الكلمات والآراء الصادرة من الأفراد نابعة من قناعات حقيقية وليست مقيّدة بسلطة أو خوف.
Sign in to cast the vote