الفرد والمؤسسة: تفسير اقتباس نيكولاس طالب

يُظهر الاقتباس الشهير لنصيم نيكولاس

طالب فكرة عميقة ومثيرة للتأمل حول العلاقة بين الفرد والمؤسسة التي يعمل بها. فقد قال: “أفضل باحث هو من يكره الأكاديميا، وأفضل سياسي هو من يكره السياسة، وأفضل بيروقراطي هو من يكره البيروقراطية.” ولكي نفهم هذا الاقتباس بشكل أعمق، يجب أن نتناول كل جزء منه على حدة ونحلل السياق الذي قد يؤدي إلى هذه الاستنتاجات.

أولاً، “أفضل باحث هو من يكره الأكاديميا.”

يشير طالب هنا إلى أن أفضل الباحثين قد يكونون هؤلاء الذين ينظرون إلى العيوب والتحديات التي تواجه الأكاديميا بنظرة نقدية، بدلًا من قبولها كأمر مسلم به. قد يكون هذا الباحث ممن يسعون بشغف إلى اكتشاف الجديد وتطوير المعرفة الإنسانية، ويشعر بالإحباط من البيروقراطية الأكاديمية أو القيود المرتبطة بالمناهج التقليدية والتفكير السائد. هؤلاء الباحثون قد يكونون هم الأكثر إبداعًا وابتكارًا، لأنهم يسعون دائمًا لتجاوز الحدود المفروضة من قبل المؤسسات الأكاديمية.

ثانيًا، “أفضل سياسي هو من يكره السياسة.”

في هذا الجزء، يشير طالب إلى أن أفضل السياسيين هم ليسوا أولئك الذين يبحثون عن السلطة أو المكاسب الشخصية، بل أولئك الذين ينظرون إلى السياسة بعين ناقدة ويرون فيها وسيلة لتحقيق الخير العام بدلاً من أداة للسيطرة والنفوذ. السياسي الذي يكره السياسة قد يكون مهتمًا بحقوق الناس ومصلحة المجتمع أكثر من اهتمامه بالمناورات السياسية والتحالفات الظرفية.

أخيرًا، “أفضل بيروقراطي هو من يكره البيروقراطية.”

هنا يعبر طالب عن الفكرة أن أفضل شخص لإدارة النظام البيروقراطي هو الذي يدرك مدى تعقيد هذا النظام وعيوبه. البيروقراطي الذي يكره البيروقراطية قد يكون هو الأقدر على تحسين هذه الأنظمة وتبسيط الإجراءات، لأنه يرى بوضوح مدى عدم كفاءتها ويمكنه البحث عن طرق لتجاوز هذا الجمود الإداري.

بهذا الاقتباس، يدعو طالب إلى نوع من التوازن الديناميكي بين الفرد والمؤسسة، حيث يمكن للناقدين الداخليين الذين يفهمون أنظمة المؤسسات بعمق ويشعرون بإحباطات من أوجه قصورها أن يكونوا هم القوة الدافعة نحو التغيير والإصلاح. هؤلاء الأفراد، الذين يشعرون بعدم الرضا عن الوضع الراهن إلى حدٍ ما، قد يكونون هم الأكثر قدرة على تقديم حلول مبتكرة وجديدة وتجاوز العقبات الموجودة في مؤسساتهم.