الراحة النفسية والتوازن الداخلي: تحقيق التحضر والسلام الداخلي

يتناول ناصم نيقولا طالِب في هذه المقولة مفهومًا عميقًا حول الراحة النفسية والتوازن الداخلي بعيدًا عن الضغوطات الخارجية المفروضة علينا من المجتمع. يقول: “ستصبح متحضرًا في اليوم الذي تستطيع فيه قضاء فترة طويلة بدون فعل أيّ شيء، تعلّم أي شيء، وتحسين أي شيء، دون أن تُحسّ بأدنى شعور بالذنب.” هذه الكلمات تحمل في طياتها دعوة للتأمل وإعادة النظر في مفهوم النجاح والتحضر الذي ارتبط لعقود بالإنجاز المستمر والعمل المتواصل.

بالعودة إلى جذور التحضر، نجد أن المجتمعات القديمة كانت تكون متحضرة عندما تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية وتوفير الفائض من الموارد لترفيه سكانها وتمكينهم من الاستمتاع بأوقات من الراحة والفراغ. ولكن في عصرنا الحديث، أصبح التحضر يعني الإفراط في العمل والاجتهاد حتى على حساب الصحة النفسية والجسدية.

يرى طالِب أن الفرد المتحضر حقًا هو الذي يتمكن من التحكم بوقته ومشاعره دون الخضوع لضغوطات المجتمع المتزايدة التي تفرض علينا الإنتاجية الدائمة والتحسن المستمر. فالقدرة على الاستمتاع باللحظة والعيش فيها دون التفكير المستمر في الأهداف والغايات تُعد من مظاهر النضج والتحضر.

هذه المقولة تدعو أيضًا إلى التأمل في معنى الحياة والهدف منها. هل الحياة تدور حقًا حول الأعمال والإنجازات المتواصلة أم أن هناك قيمة أكبر في البساطة والهدوء النفسي؟ عندما نستطيع الاستمتاع بفترة من الزمن دون أن نحتاج إلى القيام بأي شيء، فإننا نكون قد وصلنا إلى حالة من التوازن النفسي والذهني. هذه الحالة تتطلب منا التخلص من شعور الذنب الذي يرافقنا عندما نتوقف عن العمل أو التعلم.

في الختام، يجب علينا أن نتعلم من هذه المقولة أن نبحث عن السكينة الداخلية ونعيد توازن حياتنا بين العمل والراحة. الكفاح المستمر دون راحة قد يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والاحتراق النفسي، بينما الفترات الطويلة من الراحة الخالية من الشعور بالذنب يمكنها تقديم تجديد للنفس وتحقيق الراحة الحقيقية التي نسعى إليها جميعًا.