تعلم دروسًا قيمة من كلمات ماركس الأخيرة
تعد الكلمات الأخيرة التي تُقال عند نهاية حياة الإنسان واحدة من أكثر اللحظات التي يرغب الكثيرون في الاستماع إليها وتدوينها، معتبرين أنها قد تحمل حكمة أو وصية. ولكن كارل ماركس، الفيلسوف والاقتصادي الشهير، كان له موقف مختلف تماماً من هذه الفكرة. فعندما اقتربت ساعة رحيله، طلبت منه خادمته المنزلية أن يُخبرها بكلماته الأخيرة لكي تكتبها للأجيال القادمة وتنقلها، فرد عليها قائلاً: “اذهبي. أخرجي من هنا. الكلمات الأخيرة خُلقت لأولئك الأغبياء الذين لم يقولوا ما يكفي خلال حياتهم.”
فلسفة ماركس حول الحياة والكلمات
يكشف هذا الاقتباس عن جانب عميق في رؤية ماركس للحياة والكلمات. فهو يرى أن الإنسان الذي يعيش حياته بصدق وصراحة ويعبر عن آرائه وأفكاره بدون تردد، لا يحتاج إلى كلمات أخيرة لتكون خلاصة حياته أو وصيته للأجيال القادمة. من جهة أخرى، يعتبر ماركس أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى كلمات أخيرة إنما يحتاجونها لأنهم لم يكن لديهم الشجاعة أو الفرصة للتعبير عن أنفسهم خلال حياتهم.
تتجلى في هذا الاقتباس فلسفة ماركس المتعلقة بالكلمة والعمل. فالكلمة بالنسبة له ليست مجرد وسيلة تواصل بل هي تعبير حقيقي عن الوجود والفعل. هو يؤمن بأن الأفعال والكلمات التي نستخدمها يومياً تعبر عن قيمنا ومبادئنا وآرائنا وتحدد تأثيرنا في العالم. لذا، إذا كان الشخص صريحاً وواضحاً طوال حياته، فإن كلامه وأفعاله اليومية تغني عن أي كلمات ختامية.
التركيز على الحياة بدلاً عن النهايات
هذا الاقتباس أيضاً يعبر عن نقدَي لأهمية اللحظات النهائية في حياة الإنسان. بدلاً من التركيز على النهايات، يدعو ماركس إلى التركيز على الكيفية التي يعيش بها الإنسان حياته بكاملها. لا يجب أن ننتظر اللحظة الأخيرة لقول الشيء المهم، بل يجب أن نعيشه ونقوله يومياً. اللحظات الأخيرة ليست هي التي تحدد قيمة الإنسان، بل الحياة التي عاشها والقرارات التي اتخذها والمواقف التي تبناها طوال حياته.
في النهاية، يمكن القول إن الحكمة التي يمكن استخلاصها من كلمات ماركس الأخيرة هي دعوة إلى العيش بكامل النقاء والصراحة والأصالة. لا نحتاج إلى كلمات أخيرة إذا كانت حياتنا بكل جوانبها تعبر عن ما نؤمن به وما ندافع عنه. هذه الفكرة تحث على الشجاعة في التعبير عن الذات وفي اتخاذ المواقف الحقيقية بشكل دائم ومستمر.
Sign in to cast the vote