بعد انهيار البورصة سنة 1929، الذي يُعرف أيضًا بالكساد الكبير، واجه الاقتصاد العالمي أزمة غير مسبوقة
وفي هذا السياق، أشار بن برنانكي، الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى خطأ استراتيجي جوهري ارتكبه الاحتياطي الفيدرالي في تلك الفترة. أكد برنانكي أن المؤسسة المالية الأمريكية ركزت عادتها على الحفاظ على قيمة الدولار مقابل الذهب، مما حمل تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد المحلي للولايات المتحدة.
نظام الذهب وتأثيره على الاقتصاد المحلي في تلك الفترة
في تلك الفترة، كانت الولايات المتحدة تُعتمد على نظام الذهب، وهو نظام نقدي يتم فيه تحديد قيمة العملة بكمية معينة من الذهب. كان هذا النظام يهدف إلى تحقيق استقرار نقدي وثبات في القيم المالية على المستوى الدولي. لكن، ما غاب عن صناع السياسات في ذلك الوقت هو أن الاقتصاد المحلي كان في حالة انهيار تام، والبطالة كانت تتفاقم بشكل مرعب، والإنتاج الاقتصادي كان يتقلص بشكل حاد.
بطبيعة الحال، كان الحفاظ على قيمة الدولار مقابل الذهب يعني تقييد السيولة بشكل كبير. في ظل هذا النظام، كانت كمية النقد المتداولة تعتمد بشكل رئيسي على احتياطات الذهب المتوفرة. وهذا يعني أن القدرة المالية للدولة كانت محدودة جداً واستجابة الاحتياطي الفيدرالي لتلك الأزمة كانت متباطئة وغير فعالة. نتيجة لذلك، لم تُضخ الكميات الضرورية من النقد في الاقتصاد، مما زاد من خطورة الانكماش الاقتصادي.
تأثير التقييد بمبدأ الذهب على السياسة النقدية والأوضاع الاقتصادية
التقييد بمبدأ الذهب أثّر سلبيًا على السياسة النقدية. بدلاً من خفض نسبة الفائدة وزيادة الإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد، كانت السياسات المالية تقضي بتقليل السيولة وزيادة الضغط على الأسعار والنظام النقدي بشكل عام. وهذا بدوره أدى إلى تعمق الأزمة الاقتصادية وازدياد المعاناة الاقتصادية والاجتماعية، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وأُغلقت العديد من الشركات والمؤسسات.
بعد سنين عديدة، ومع جهود متواصلة للخروج من الأزمة، تم التخلي عن نظام الذهب تدريجيًا، واعتماد سياسات مالية أكثر مرونة واهتمامًا بالاقتصاد المحلي. تعلمت الولايات المتحدة والعالم في ذلك الوقت درسًا قاسيًا حول أهمية التكيف مع الظروف الاقتصادية المتغيرة والتركيز على استقرار الاقتصاد المحلي بدلاً من التمسك بنظريات اقتصادية صارمة قد تكون غير ملائمة للوضع الراهن.
إذًا، يمكننا القول إن اقتباس بن برنانكي يلخص فترة تاريخية حرجة أدت إلى تغييرات جذرية في السياسات النقدية والاقتصادية. إن هذا الاقتباس يذكرنا بأهمية المرونة والإبداع في السياسات الاقتصادية، وضرورة التركيز على رفاهية الاقتصاد المحلي واستقراره بدلاً من التمسك بالعوامل النقدية الثابتة التي قد تكون غير مناسبة للظروف الاقتصادية المتغيرة.
Sign in to cast the vote