الدفاع أهم من الرخاء

مقدمة

في عالم الاقتصاد والفلسفة السياسية، يُعتبر آدم سميث واحداً من الأسماء البارزة التي شكّلت الأفكار الاقتصادية الحديثة. من بين العديد من الأفكار والاقتباسات التي نُسِبت إليه، تبرز مرة دفاعه عن أهمية الدفاع الوطني، مُلخَّصَةً في اقتباسه الشهير: “الدّفاع أهم من الرخاء.”

أهمية الأمن والاستقرار للرخاء الاقتصادي

يُشير هذا الاقتباس إلى أن وجود دولة قوية وآمنة هو الأساس لتحقيق الازدهار الاقتصادي والرخاء. بدون الأمن والاستقرار، يمكن أن تتعرض الأمة للهجمات الخارجية والداخلية، مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية وتفكك المجتمع. وبالتالي، يُعتبر الاستثمار في الدفاع والأمن ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لضمان الحفاظ على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي.

الدفاع يمكن أن يشمل عدة جوانب، منها العسكرية والأمنية والسيبرانية. على سبيل المثال، في العصر الحديث، لا يُعتبر الدفاع مرادفًا فقط للقوة العسكرية، بل يشمل أيضًا تأمين الأنظمة التقنية والمعلوماتية التي تشكل جزءًا حيويًا من الاقتصاد الحديث. تأمين الأنظمة البنكية الإلكترونية، الحماية من الهجمات السيبرانية، وتأمين شبكات الكهرباء والمياه، كلها تأتي ضمن إطار مفهوم الدفاع الشامل.

حماية القيم والمبادئ

بجانب الدفاع العسكري والأمني، يتضمن الدفاع أيضًا حماية القيم والمبادئ التي تقوم عليها الدولة. الازدهار الاقتصادي ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل يمتد ليشمل نوعية الحياة والعدالة الاجتماعية والحقوق الأساسية. لذا، يمكن فهم اقتباس سميث أيضًا على أنه دعوة للحفاظ على المؤسسات والقيم الديمقراطية والحريات التي تُشكل قاعدة الاستقرار والازدهار.

على الصعيد التاريخي، نجد العديد من الأمثلة التي تُعزز من صحة هذا الاقتباس. في القرون الماضية، نجد أن المدن والدول التي أبدت اهتمامًا كبيرًا بتطوير أنظمتها الدفاعية كانت غالبًا تظل في أمان نسبي وتُحقق مستويات عالية من الرخاء. اليابان، في فترة إيدو، والدول الأوروبية التي استثمرت في الجيوش والقلاع، هي أمثلة بارزة في هذا السياق.

ختامًا

يمكن القول أن “الدّفاع أهم من الرخاء” هو نداء لتذكير الأُمم بضرورة التوازن بين تقوية الجبهة الداخلية وحماية مصالحها، وبين السعي لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار. ففي غياب أُسس الأمن والدفاع، يكون تحقيق الازدهار هشًا وعُرضة للانهيار. بهذا الاقتباس، يُقدم لنا آدم سميث فهمًا عميقًا للعلاقة المعقدة بين الأمن والرخاء، وكيف يؤثر أحدهما في الآخر بصورة لا يمكن فصلها.